سياسات المواقع الإلكترونية الكبرى: قوانين جديدة وسياسات غامضة

هل علينا أن نهتم لسياسات خصوصية المواقع التي نتصفحها أو نتعامل معها دوريًا؟ وهل تحترم تلك الشركات سياساتها الخاصة؟ أم لديها سياسات أخرى غير معلنة؟ والأهم، كيف نعرف سياسات الخصوصية للمواقع المهمة بالنسبة لنا؟

ربما راودتك تلك التساؤلات من قبل دون الوصول إلى إجابة واضحة، أو ربما لم تهتم كثيرًا بالوصول إلى الإجابة لأن إجابة هذا التساؤل إجابة واضحة ليس بالأمر الهين.

لمواقع الوِب الشهيرة تاريخ سيء فيما يتعلق بسياسات خصوصيتها، فمعظم المواقع الكبيرة تتخذ من المعلومات والبيانات التي تجمعها وسيلة لتحقيق الربح تعتمد عليها اعتمادًا أساسيًا، لذا فهي بالأساس ماكينات عملاقة لجمع بيانات المستخدمين والاستفادة منها بالدعاية والإعلان، وبالتالي لا تعتمد على تقديم سياسات خصوصية مناسبة أو مُحكَّمة بل سياسات خاصة تسمح لها بتحقيق أكبر قدر من الربح.

ولم تكن الحال دائمًا هكذا، فعلى سبيل المثال، سياسة جوجل للخصوصية كانت مقتضبة وشاملة في عام ٢٠٠٢ حتى وصلت في عام ٢٠١٨ إلى سياسة خصوصية واسعة ولا يفهمها المستخدم العادي على الأغلب، قبل أن تعدِّلها مرة أخرى للتماشي مع سياسات الخصوصية الجديدة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.

غالبا ما تعتمد مواقع الوِب على كتابة سياسات خصوصية مبهمة، وحسب تقرير لجريدة نيويورك تايمز في عام ٢٠١٩، فأغلب المواقع كتبت سياسات خصوصيتها على تلك الصورة المبهمة لدفع المستخدمين إلى عدم قراءتها أو مراجعة المعلومات التي تُجمع عنهم، بالإضافة إلى حماية الشركات في حالات التدخل القضائي.

وحاليًا تعتمد المواقع الكبرى على سياسات خصوصية واسعة تسمح لها بجمع أكبر قدر من المعلومات يوافق عليها المستخدمون عند التسجيل، وعدم وقوع أي مسئولية على تلك المواقع لأن المستخدمين قد وافقوا بالفعل على تلك السياسات.

إذًا فأغلب سياسات الخصوصية موجودة لحماية الشركات في حالة الملاحقة القضائية وليس لما تدّعيه من حماية المستخدمين والحفاظ على خصوصيتهم.

قوانين الخصوصية للاتحاد الأوروبي

فرض الاتحاد الأوروبي على كل المواقع الإلكترونية التي تعمل من الاتحاد الأوروبي أو موجهة لدول الاتحاد، قوانين جديدة تتعلق بالخصوصية، لكن هذه القوانين لا تسري على ما نجابهه من مخاطر تهدد الخصوصية في العالم العربي، حيث أن المواقع الكبرى تطبِّق شروطها الخاصة على المجتمعات العربية إذ ليس عندنا إلا قوانين فضفاضة في ما يتعلق بالخصوصية على مواقع الوب.

إن كنت تعيش في مصر فلا يمكنك التمتع بمميزات خصوصية الاتحاد الأوروبي إلا إن كنت تتصفح موقعًا يعمل بالكامل في نطاق الاتحاد الأوروبي!

قوانين الاتحاد الأوروبي تسمح بجمع معلومات عن المستخدمين لكنها تضع قيودًا أكبر ممّا كانت الحال عليه قبل إصدار تلك القوانين، بالإضافة إلى تأكيدها على أهمية موافقة المستخدمين موافقة مباشرة، وليس مجرد الموافقة الضمنية على جمع المعلومات.

سياسات الخصوصية على مواقع الوِب اليوم

تجمع مواقع الوِب الشهيرة بياناتك الشخصية الأساسية، الاسم والسن وحتى الموقع الجغرافي، كما تجمع معلومات عن اهتماماتك وتفضيلاتك في كل شيء تقريبًا، بالإضافة إلى المحتوى الذي تنشره. كل هذا يجعل البيانات التي تجمع عنك ذات قيمة كبيرة حيث أنها قد تنطوي على محتوى حساس أو شخصي للغاية، ولهذا السبب سياسات الخصوصية ذات أهمية كبيرة لكل المستخدمين تقريبًا.

ورغم أن معظم المواقع هذه الأيام تتيح لك الحصول على نسخة من بياناتك، أو طلب مسحها من على خوادم الشركة، إلا أن البيانات لا تعامل كلها معاملة واحدة. فلا يمكنك في حقيقة الأمر التأكد من مسح شركة ما لبياناتك، خصوصًا إن كانت الشركة لا تخضع لقوانين البلد الذي تعيش فيه، ولأن الشركات تعتمد على مراكز للبيانات موزعة حول العالم مما يجعلها تحت رقابة قوانين مختلفة.

والوصول إلى الخصوصية الكاملة يكون باتباع النصيحة الذهبية: وهي التعامل الواعي مع الإنترنت ومحاولة معرفة سياسات كل موقع، وبالأخص المواقع التي ندخل فيها بياناتنا الشخصية طوعًا، حتى وإن كانت المواقع تحاول إخفاء سياساتها عنّا.

ويمكن استخدام إضافات مختلفة على المتصفح لمعرفة درجة احترام الموقع للخصوصية، أو وجود سياسات خصوصية غير واضحة، والبحث عن بدائل للمواقع التي لا تحترم خصوصية مستخدميها. أمّا في حالة عدم القدرة على تجنب المواقع التي لا تحترم الخصوصية، فيجب الاهتمام اهتماما واعيا لنوع وكمية المعلومات التي نُدخلها مباشرة إلى أي موقع، أو التي يجمعها جمعًا غير مباشر أثناء تصفحنا.

فعلى سبيل المثال، يجمع موقع فيسبوك المعلومات الشخصية الأساسية عن المستخدمين ولا يسمح بالأسماء المستعارة، كما يجمع جميع تفاعلات المستخدمين مع بعضهم، وعلاقاتهم الاجتماعية، وأماكن عملهم ودراستهم ،حتى وإن لم يدخلوا تلك المعلومات مباشرة، عن طريق وجود أصدقاء مشتركين. كما يجمع معلومات عن تفضيلات المستخدمين الشرائية، واهتماماتهم بالمحتوى على الإنترنت. وكل تلك المعلومات تُجمع جمعًا قانونيًا تمامًا بناء على موافقة المستخدم، ولا يمكن للمستخدمين الاعتراض على جمعها. بل إن فيسبوك يشارك تلك المعلومات والبيانات مع أطراف ثالثة، دون إخطار أصحاب المعلومات.

لهذا هناك بعض المنصات التي لا تجمع أي بيانات، أو تجمع بيانات محدودة للغاية عن المستخدمين، مثل منصة ماستودون التي تريد أن تكون بديلًا عن تويتر، ويمكن للمستخدمين أن يتحكموا تقريبًا في كل أنواع المعلومات التي يشاركونها على المنصة أو مسحها بالكامل في أي وقت.

لذلك علينا أن نستمر بالضغط على الشركات الكبرى لتحقيق بديل أفضل يتعلق بخصوصيتنا على الوِب وتغيير سياسات الخصوصية، بالإضافة إلى البحث عن بدائل حرة مصممة بالأساس لاحترام خصوصية المستخدمين كلما أمكن الانتقال إليها.

روابط

 https://www.nytimes.com/interactive/2019/06/12/opinion/facebook-google-privacy-policies.html