بعد انهيار تويتر، ما البديل؟

بعد انهيار تويتر، ما البديل؟

(مقارنة بين تطبيقات التدوين المصغر)

لطالما تربعت منصة تويتر، والتي تغير اسمها مؤخرا إلى إكس (X)، على عرش منصات التدوين المصغر (microblogging)، وهي منصات التواصل الاجتماعي التي ينشر فيها المستخدمون تدوينات قصيرة عوضا عن المقالات الطويلة. وقد ساهمت العديد من العوامل في انتشار تويتر وجعله من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي استخداما في السنين الأخيرة، وتحقيقه أرباحا كبيرة وشعبية هائلة. كان هذا قبل أن يشتريه الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مقابل ٤٤ مليار دولار في أواخر عام ٢٠٢٢، ثم يُسرّح عددا كبيرا جدا من موظفيه، ويغير مساره عبر عدة قرارات خفضت من شعبية المنصة كثيرا، ونفرت المعلنين الذين خفضوا إنفاقهم على تلك المنصة بعدما حولها ماسك إلى مكان لنشر نظريات المؤامرة وحماية خطابات الكراهية. كل هذا دفع أعداداً من المستخدمين للبحث عن بدائل، وقد انتشرت بالفعل عدة بدائل كانت موجودة من قبل، مثل ماستدون، ونشأت بدائل جديدة تستغل هذه الأزمة مثل ثريدز. سنستعرض في هذا المقال بعض الفروقات بين تلك البدائل وخصوصا الفرق فيما بينها من حيث احترامها لخصوصية المستخدمين.

يجمع تويتر عددا كبيرا من البيانات لتتبع المستخدمين أثناء استخدامهم للتطبيق وخارجه أيضا، ولهذا لا يعتبر تطبيقا صديقا للخصوصية، أي أنه لا يولي خصوصية بيانات مستخدميه أولوية كبيرة، فهو يستخدم البيانات التي يجمعها عنهم في تحليل سلوكياتهم واهتماماتهم لبيع الإعلانات وتخصيص المحتوى الذي يعرضه لهم.

(يشير متجر تطبيقات أبل إلى أن تطبيق تويتر يجمع العديد من البيانات التي يستخدمها لتتبع مستخدميه ومن بينها معلومات حساسة)

ثريدز

أطلقت شركة ميتا تطبيق ثريدز مع اشتعال أزمة تويتر لتستغل تلك الأزمة في كسب مستخدمي تويتر وضمهم إلى منصتها الجديدة، والتي ربطتها بتطبيق إنستجرام الشهير أيضا للاستفادة من القاعدة الكبيرة لمستخدميه، وكعادة تطبيقات شركة ميتا، يجمع تطبيق ثريدز العديد من البيانات عن مستخدميه تتضمن بيانات عن الصحة والموقع وسجل تاريخ التصفح وسجل البحث وغيرها من البيانات الحساسة، لهذا فإن ثريدز ليس بديلا عن تويتر إذا كان المستخدم يبحث عن بديل أكثر احتراما للخصوصية.

(يشير متجر تطبيقات أبل إلى أن تطبيق ثريدز يجمع العديد من المعلومات الحساسة عن مستخدميه)

 

وقد أعلنت شركة ميتا عند إطلاقها لتطبيق ثريدز أنه سيصير جزءا من الفديفرس، وهي مجموعة متصلة من شبكات التواصل الاجتماعي يمكنها التفاعل فيما بينها، وهذا ما أثار حفيظة العديد من القائمين على شبكات الفديفرس والذين أعلن عدد منهم عدم رغبتهم بتوصيل شبكاتهم بخوادم شركة ميتا. (ما هو الفِدِيفِرس الذي تريد شركة ميتا اقتحامه؟)

ماستدون والفديفرس

نشأ ماستدون عام ٢٠١٧، وكان أهم ما يميزه هو اختلافه عن الشبكات الاجتماعية الشهيرة في تقديم تجربة لا مركزية لا تسمح بتحكم شخص واحد أو شركة واحدة في الشبكة بأكملها، وتميز كذلك بالشفافية وكون الأكواد المصدرية لجميع مكوناته متاحة علنا. تطور ماستدون كثيرا حتى صار الآن مساحة هائلة ينشط عليها ملايين المستخدمين، وصار الفديفرس بديلا أكثر حرية عن العديد من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

يوفر ماستدون عبر تطبيقه الرسمي تجربة تحترم الخصوصية ولا يجمع التطبيق الرسمي أي بيانات حساسة عن المستخدم، ولا يوفر ماستدون من الأساس أي خوارزميات تحلل اهتمامات المستخدم لتعرض له محتوى ملائما لتفضيلاته أو لعرض الإعلانات التي قد تنال اهتمامه، إنما يعرض المحتوى بالترتيب الزمني فقط، كما لا يدعم ماستدون مبدئيا الإعلانات التجارية من الأساس. لكن يجب تذكر أن ماستدون يهدف للتواصل الاجتماعي وليس للتراسل الآمن أو المعمّى، فلا يدعم ماستدون حتى الآن بروتوكولات تراسل معمّاة من طرف إلى طرف (بروتوكولات التعمية (التشفير)) وليست به خاصية تراسل، لكن يمكن للمستخدمين نشر منشورات لا يراها سوى مستخدمين محددين، وهو ما يمكن أن يحل محل التراسل المباشر لكن تخضع تلك المنشورات إلى إدارة كل موقع ويمكن للقائمين عليه رؤية تلك المنشورات، ولذلك ينصح باستخدام تطبيقات مخصصة للتراسل الآمن عند مشاركة معلومات حساسة. (تطبيقات التراسل الفوري، ما هو التطبيق المثالي؟)

(يشير متجر تطبيقات أبل إلى أن تطبيق ماستدون لا يقوم بجمع أي بيانات عن مستخدميه)

بلوسكاي

بلوسكاي هي منصة شبيهة جدا بتويتر، ذلك لأن تطويرها بدأ داخل شركة تويتر من الأساس، لكنها انفصلت بعد ذلك لتصبح مستقلة تماما عن تويتر. وقد ساهم في إنشائها جاك دورسي، مؤسس تويتر. وهي لا تزال في طورها التجريبي ولم تنطلق بشكل رسمي حتى الآن، ولا تزال عدة ميزات قيد التطوير، لكن أهم ما يميزها عن تويتر حتى الآن هي طبيعتها اللامركزية مثل ماستدون. لا يمكن الانضمام إلى تلك المنصة حاليا سوى عبر أكواد الدعوة التي يمكن الحصول عليها من شخص منضم بالفعل أو عبر التسجيل في قائمة الانتظار.

ليس من الواضح تماما كيف سيختلف بلوسكاي عن ماستدون عدا كون واجهته شبيهة جدا بواجهة تويتر، لكن تطبيقه التجريبي حتى الآن يجمع بيانات أقل بكثير من تطبيق تويتر، وهذا مؤشر جيد، لكن من غير المعروف إذا ما كانت البيانات التي يجمعها التطبيق ستزيد في المستقبل مع إضافة المزيد من الخصائص للتطبيق وإطلاق النسخة المستقرة منه.


(يشير متجر تطبيقات أبل إلى أن تطبيق بلوسكاي التجريبي يجمع بيانات أقل بكثير من تطبيق تويتر)

الخلاصة

صارت منصات التدوين المصغر التي تسعى إلى توفير بديل لمنصة تويتر الآن كثيرة ومتنوعة، منها ما يتوجه بالخصوص إلى مجتمعات معينة أو توجهات أيديولوجية معينة مثل منصة تروث التي أطلقها سابقا دونالد ترامب. ومنها ما يحاول أن يوفر مظلة لإنشاء شبكات متنوعة مثل ماستدون، ويتفوق ماستدون حتى الآن في حمايته للخصوصية واتصاله بشبكات الفديفرس الأخرى والخيارات الكثيرة المتاحة لاستخدامه، ولذلك فهو الخيار الأنسب لمن يبحث عن بديل أكثر احتراما للخصوصية. أما من يبحث عن بديل أكثر شبها بمنصة تويتر فقد يلائمه بلوسكاي أكثر في هذا الصدد، ويتفوق ثريدز على كل البدائل الأخرى في عدد مستخدميه لكنه ليس خيارا جيدا لمن يضع الخصوصية والشفافية أولوية عند اختياره للمنصة التي يود استخدامها.